قوافلنا الإيمانية تسير في طريقها إليكم وقلوبنا المحبة تُسيرها وتُعدها لاستنزال الرحمات الإلهية من السماء، لكننا لا نستطيع أن نكمل حدود زياراتنا دون أن نطوف بك -أيها المجتبى - فأنت الذي تكمل الحلقة الخماسية ذات السر الإلهي المقدس في الكون، حلقة النبوة والولاية والمودة والشهادة لتصلها بالصبر وصناعة القرار ذاك القرار الصعب الذي أحدث أثراً في رحم التاريخ وأثار الدهشة والاستنكار عند الساعين للسلطة الغاشمة والمتكالبين عليها.
ضحكت السماء حين ندى طيفك أيها الحسن الزكي وعانقت الأملاك نورك الذي لم تستطع الدنيا أن تقيس حدوده ولا أن تعبره بغير أن تتلألأ نجومها في السماء محيطة بالبدر الذي يضيء ميلادك لتتهادى الأملاك بعرفك الطيب الطاهر..
ضحكت السماء وبضحكاتها أشرق وجه فاطمة وعلي وجبريل وثغر النبي ونشأت في كنفه تتروى من نبع العلم والدين والأخلاق وتنسج من أكاليل النبوة أثواب حكمة تعدك الأيام الخشنة للبسها.. فبوركت الليالي التي أتيت فيها سيدي وبورك الشهر الذي راح يضم مع ميلادك ليلة القدر
فهذا رسول الله
يحملك بين كفيه ليلبسك بياضاً ويستنزل اسمك من السماء مؤذناً في أذنيك ومعلناً للملأ بأنك إمام قمت أو قعدت ومذكراً لهم «إن أبني هذا سيد، ولعل الله يصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين»، ثم تنشأ في كنفه يلاعبك وأخيك، يُقبلكما ويُقبل عليكما مؤكداً بأنكما ريحانتيه من الدنيا وسيدي شباب أهل الجنة.
وهكذا درجت على مفارق الأحداث تعد نفسك للقرار من خلال الأوضاع المتناثرة حولك.. جدك الذي رحل عن الدنيا وما رويت من نبعه بعد وأمك الزهراء عليها السلام التي فُجعت بفقده وبما كافأتها به الأمة من ظلامة، ووالدك الذي تنفس الحزن بعدهما وعاندته الأيام وأصحابها بقسوة، ثم يهبك بعد رحيله مسئولية ضخمة وتفصيلات تحتاج لعقل لا تحده حدود من طاقة أو قدرة.
عدو غادر.. وخصم عنيد ليس لأنه ذكي ولكن لأنه يستخدم المكر والدهاء إلا ما إذا قسنا الذكاء بالدهاء فنكون بذلك قد ظلمنا الشرفاء !
عدو يستخدم الحيلة ويتلاعب بالآيات على رؤوس الأسنة وله مع والدك قصص وحكايات تشهد عليها صفحات التاريخ كما تعرفها قدور السم الممزوج بالعسل.. فماذا سيكون خيارك وأنت ترى الأوضاع التي عاشها والدك مكابداً الآلام لأجلها والناس من حوله تتراجع بعد أن فتنتهم الحضارة المدخلة التي حملت لهم رغد العيش وطيبه بعدما ودعوا خشونة الصحراء ، غير الصلح !!..
فراح بعض المتذاكين ينسجون حوله الظنون ويعقدون منه روايات وعناوين براقة يغالطون بها أنفسهم والآخرين مُفرقين بينك وبين أخيك «الحسين» ليتهموك بالجبن والتخاذل ويقايسوا زمنك بزمنه وما علموا بأن لكلاً منكما زمان يعالجه ونفسيات يتعامل معها حين جاءتكما وأبيكما الخلافة ممهورة بالدماء والنزاعات المتباينة ممتلئة جدرانها بالتصدعات والشقوق الملحوظة لا تبغي شيئاً سوى أحكاماً مرتجلة و أو هاماً طائشة عكستها خطواتكم العريضة التي مشيتموها وسط صحراء ضجرة جافة شائكة حتى أسالت دمائكم الزكية، وكان هذا نصيبكم منها.
لكن للقصة فصول أخرى انتهت بغير ما ابتدأت بها فقد استطاع طابخ السم أن يصلك بقدوره الممزوجة بالعسل ومن بيتك أيضاً (من زوجك جعدة) حين غرر بها !!.. مكراً وخلاصاً ممن يلزمه بشروط الصلح فقال قولته التي تعكس ما في نفسه من قبح ليدينه التاريخ بها «إن لله جنوداً من عسل» ، والنهاية كانت فعلاً خلافاً للبداية!
ففي ولادتك تلقاك النبي
بيديه الكريمتين مؤذناً مستبشراً ومهللاً بينما في شهادتك حرمت من أن ترقد بجانبه فاحتضنتك الزهراء عليها السلام ووارتك في روضتها الطاهرة تضم جراحها إلى جراحك وترنو بعينيها أفق العدالة تنتظر حكم جدك فيهم.
تحياااااااااااااتي