بكـــــــــــــــــــاء الافق

( بكاء الأفق )

وجهت ناظري إلى الأفق بألم في ذاك اليوم المشئوم،وهناك بصدري خفقات تعلو صوتها أنفاسي .. فإذا بي أرى الأفق تحول إلى ضباب ، ولكنه لبس ثوباً جديداً ليس بسابق عهده ، أتخذ لوناً أحمراً يعج بالحزن ، بدت السماء وكأنها تقطر دماً عبيطاً حتى ملئت بقطراتها كل بقعه في الأرض ، أصابني الذهول فقد أمتلئ وجهي ويداي وكل بدني بالدماء ، هويت إلى الأرض أعفر خدي بالدماء الزكية ، فقد كانت تفوح منها رائحة طيبة ، دون شعور بكيت بحرقه حتى كادت محجري أن يذهب نورها ، التفت يميناً وشمالاً علني أجد من يفسر لي ما يجري ، وإذا بلسان الجراح تنادي وكأنها بدأت مندبة على فقد عزيز وأي عزيز سمعتها تخلخلت عبر قنوات أذني لتصل إلى قلبي التي مزقته أرباً أرباً دوى صرخاتها وكأنه خنجراً غرز في كبدي فتقطعت كالفتات ( لا يوم كيومك يا أبا عبدا لله ) حينها عرفت أن الكون يبكي دماً وأن الحجر تفتت حزناً على ما جرى في يوم عاشوراء أنه ظهر عاشوراء ، سمعت أصوات بدت تتعالى صرخاتها بحثت يميناً ويساراً فلم أرى أحداً ، سحبت أذيالي المبللة بالدماء ورحت أهرول أبحث عن مكان الصراخ علني أضم حزني معهم وأفرغ ما بداخلي من ألم ، علني أنعى معهم وأرثي حزني ، ولكن لم أرى أحداً ، تعالت الصرخات من جديد فازداد هلعي وخوفي ، وبصوت عال ملئ المكان ، رجع لي صوت الصدى ليصدمني من جديد ، جلست في مكاني أبكي وأنا واضعة رأسي بين ركبتي أتحرى شوقاً كي أعرف ما مصدر الصوت ، ناجيت ربي بصوت خافت تعلوه ضربات قلبي بالدعاء .. ( ألهي فكما عرفتنا حبهم لا تحرمنا من شفاعتهم ) كررتها مراراً ، امتزجت الكلمات بالدموع الحارة التي زادت حرارة ألمي ووحدتي ، وأنا كذلك أصارع سكرات الحزن ، سمعت من بعيد صوت أجنحة ترفرف ، بدأ الصوت يعلو ويعلوا ، وإذا بسرب من الطيور يحوم حولي داروا على رأسي عدة مرات وأنا خائفة واضعة يدي على وجهي أتطلع بهم من بين أصابعي ، ذهلت عندما رأيتهم كل حمامة أصطبغ بياضها من الدماء التي حولت لونها إلى لون الدم راح خوفي مني شيئاً فشيئاً ، حتى الحمام عندما اشعروا أنني اطمأننت بدأت الواحدة تلو الأخرى تحط مكانها حولي كالحلقة التفوا وكأنهم مرسلين لي كي يبثون في روحي شيئ من الأمان ، أحسست بسعادة ممزوجة باستغراب خاطبتهم أيتها الحمامات من أين أتيتم ..؟ ولما ريشكم تكسوه الدماء..؟ ما بالكم لا تغردون كسابق عهدكم فرحت أتساءل وكأن أسئلتي تزيد من المهم وحزنهم ، رأيتهم وقد طأطئوا رؤوسهم نحو الأرض كل واحدة تنازع وكأنها تنازع سكرات الموت ، قلت ما خطبكم يا ألهي أجيبوني ، بلسان الجراح جاوبتني أحدى الحمامات لقد جئنا من ( كربلاء الدماء ) أتينا من (كربلاء الثورة) أتينا بقطرات من دم حبيب رسول الله ، فلقد قتلوه عطشاناً .. قد قتلوه ظلماً راحت الواحدة تلو الواحدة تحكي لي عن ما جرى في كربلاء ، وعندما تنتهي من مندبتها تسلم الروح إلى بارئها ، وبعد حين ماتت كل الحمامات من حولي ، جزعت ودخل في نفسي الخوف مما جرى للحمام بكيت بحرقه وزفرات تتصاعد من بين ضلوعي صرخت صرخة كادت أن تخرج روحي مع دموعي ...لهفي عليك يا أبا عبدا لله... البهائم لم تتحمل مصابك ونحن لا نذوب بحبك .. آه آه .. نبكي عليك من أجل الثواب وكأنك جسر بيننا وبين الجنة ، هتفت بعلو صوتي في عنان الفضاء ، سيدي أني لا أرثيك إلا هياماً فيك ..
قلت تلك الكلمات وإذا بي بيد تطبطب على ظهري وتنادي :
- قومي يا زهراء فلقد حان موعد ذهابنا إلى الحسينية ، هيا يا حبيبتي أنه اليوم العاشر من المحرم ولا نريد أن تفوتنا قرأة المقتل ...
.. قالت أمي هذه الكلمات .. فقمت من نومي وأنا مذهولة الفكر ، فقد كنت نائمة ، مشاعري ووجداني أبدئت عزاها قبل جوارحي ، آه لفقدك يا أبا الأحرار ، فالزمان والمكان والهوام يجددون حزنك كل عام ، وأنا أجدد عشقي لكم في كل لحظة ، وبلسان قلبي قلت ( سيدي أقبلني خادمة بين يديك ..لبيك لبيك يا حسين ) فذهبت وأنا كلي أمل أقدم ما قصرت عنه في السابق لأجددة الآن ...


تحياتي لكم

( لا يوم كيومك يا أبا عبدا لله )
مشكور


ننتظر جديدك

( لا يوم كيومك يا أبا عبدا لله ) ومشكور اخوي على الموضوع وننتظرجديدك وتحياتي